في زمنٍ باتت فيه الأزمات المالية تهدد عراقة الأندية وتاريخها، برز اسم زياد سعادة كمنقذٍ حقيقي لفريق الراسينغ، أحد أعرق الفرق اللبنانية، الذي كان على شفير الانهيار الكامل. فما قام به هذا الرجل لا يُعد مجرد مبادرة إدارية، بل هو عمل بطولي بكل ما للكلمة من معنى.
الراسينغ… من سداسية الأبطال إلى صراع البقاء
قبل موسمين فقط، كان الراسينغ ينافس ضمن سداسية الأبطال، يرفع راية المجد ويُمتع جماهيره. لكن الأمور انقلبت رأساً على عقب، إذ دخل النادي في نفق مظلم إثر أزمة مالية خانقة ضربت الإدارة السابقة، التي عجزت عن تأمين أبسط مستلزمات الفريق، ما أدى إلى تراكم الديون وتقديم الاستقالة.
ومع اقتراب انطلاق الدوري، لم يتقدم أحد لتسلّم زمام الأمور. بدا وكأن النادي العريق، الذي يوازي عمره عمر لبنان الكبير، على وشك الغياب عن البطولة، بل وربما الزوال.
زياد سعادة… رجل المرحلة
وسط هذا المشهد القاتم، رفض زياد سعادة الاستسلام. لم يقبل أن يُمحى اسم الراسينغ من خارطة الكرة اللبنانية. فبادر إلى استحصال إذن رسمي من مديرية الشباب والرياضة لتشكيل لجنة إنقاذ ثلاثية ضمت إلى جانبه السيد جورج مراد والسيد جورج كعدي، وأُجّلت الانتخابات ستة أشهر لإعطاء الفريق فرصة للوقوف مجدداً.
لكن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود. معظم اللاعبين غادروا، والبقية رفضوا التقديمات. فقررت اللجنة أن يخوض الفريق الدوري بفريق الشباب، حفاظاً على الوجود والاستمرارية.
النادي يتحول إلى خلية نحل
اليوم، الراسينغ يشارك في الدوري، ليس فقط بالفريق الأول بل أيضاً بفريق الشباب، في خطوة تعكس روح التحدي والإصرار. النادي بات أشبه بخلية نحل، حيث تشكلت لجان متعددة تعمل على إعادة هيكلته ووضعه على السكة الصحيحة، فيما تسعى شخصيات ومرجعيات رياضية لتأمين الرعاية والتمويل اللازم.
بطل خلف الكواليس
لو لم يتحرك زياد سعادة في الوقت المناسب، لكان الراسينغ قد انسحب، وهبط إلى الدرجة الثانية، وربما واجه مصيراً مجهولاً في الموسم التالي بلا لاعبين ولا إدارة. لكن بفضل شجاعته، تحوّل الانهيار إلى انطلاقة جديدة، وأُعيد الأمل إلى جمهور النادي.
ما فعله زياد سعادة ليس مجرد إنقاذ إداري، بل هو بطولة حقيقية في زمنٍ ندر فيه الأبطال.
شربل الحاج موسى