من ملاعب بكفيا اللبنانية إلى منصات التتويج، شقّ غسان سركيس طريقه كإحدى أبرز الشخصيات تأثيرًا وإثارةً للجدل في تاريخ كرة السلة اللبنانية. بدأت مسيرته بخطى واثقة في أندية كـ"العمل بكفيا"، و"الكهرباء ذوق مكايل"، و"أبناء نبتون"، وانتهت بصنع مجد لا يُنسى مع عمالقة اللعبة، أمثال الحكمة، والرياضي.
في نادي الحكمة، كتب سركيس فصلًا استثنائيًا من حكاية النجاح اللبناني، عندما قاد الفريق إلى الفوز بكأس آسيا، وشارك باسم لبنان في بطولة العالم في ميلانو، في إنجاز وضع كرة السلة اللبنانية على الخريطة العالمية. ولم يكن هذا الإنجاز وحيدًا، إذ تلته محطات ناجحة مع فرق أخرى، ترك فيها بصماته الفنية وشغفه الذي لا ينطفئ.
الرجل الذي لم يكتفِ بخوض المباريات، بل زرع روحًا قيادية في كل فريق تولّى تدريبه، لم يتردد يومًا في التعبير عن آرائه الجريئة.
حتى المرض لم يُضعف من عزيمته. ففي عام 2021، خاض غسان سركيس معركة صحية قاسية إثر إصابته بفيروس كورونا، استدعت دخوله العناية المركزة، لكنه خرج منها كما اعتاد أن يدخل الملاعب: منتصرًا، شامخًا، وعنيدًا.
بعيدًا عن الأرقام والانتصارات، كان عشق سركيس لكرة السلة أكبر من مجرد مهنة. "حياة المدرب صعبة"، قالها من قلبه، معبّرًا عن وعيه بتحديات المهنة، وحجم الشغف الذي حمله في كل تفصيلة من تفاصيل اللعبة. لم يكن سركيس مجرد مدرب، بل كان مدرسة فكرية، وموقفًا حادًا، وأسلوبًا خاصًا.
وها هو اليوم، مع نادي حراجل، يعود إلى الواجهة من جديد، كاشفًا عن مزيد من جوانب شخصيته التدريبية الفريدة. بأسلوبه الخاص وحماسه المتجدد، يثبت مرة أخرى أنه لم يكن يومًا عابرًا في تاريخ اللعبة، بل سيبقى دائمًا رقمًا صعبًا في معادلة كرة السلة اللبنانية.
سواء اتفقت معه أم اختلفت، أحببته أم تحفظت على تصريحاته، يبقى غسان سركيس رقمًا صعبًا في معادلة كرة السلة اللبنانية. اسمه محفور في سجلاتها، وصورته راسخة في ذاكرتها، وأثره باقٍ ما دامت اللعبة تنبض في الصالات وبين الجماهير.
عبدو شربل