تثير التساؤلات الأخير حول انتخابات الاتحاد اللبناني لكرة القدم، وتحديدًا ما يتعلق بتمثيل "المقاعد المسيحية"، تساؤلات مهمة تستدعي التحليل الموضوعي. إنّ التركيز على وجود مرشحين يُعتبرون انهم لا يمثلون الأندية المسيحية العريقة، يُسلّط الضوء على نقطة جوهرية تتعلق بآليات التمثيل والشرعية الكروية.
1. مفهوم "التمثيل" وأصالة الانتماء:
أن الأندية العريقة هي الممثل الشرعي والأساسي للطوائف المختلفة، وأن ترشيحاتها هي تعبير عن إرادتها الحقيقية. وهذا يُعدّ مبدأً سليمًا في بيئة كروية تعتمد على قاعدة جماهيرية وتاريخية. فوجود ممثلين عن أندية مثل الراسينغ، الحكمة، والسلام وغيرها، يعكس امتدادًا طبيعيًا لتاريخ اللعبة في لبنان.
لكن، عندما يُطرح تساؤل عن هوية "المرشحين الدخلاء" ومن يُمثلون، فإن ذلك يُشير إلى أزمة ثقة في آلية الترشح والانتخاب. فالمفترض أن أي مرشح للجنة التنفيذية للاتحاد يأتي من خلفية كروية أو إدارية تُمكنه من خدمة اللعبة. السؤال ليس فقط عن الانتماء الطائفي، بل عن الانتماء الكروي ومدى الارتباط الفعلي بالهيئات التي يُفترض أنها تُشكّل القاعدة الأساسية للاتحاد.
2. خلفية "الخلفية الكروية" والإنجازات:
هناك تسآل عن غياب "الخلفية الكروية الحقيقية" و"الإنجازات" للمرشحين الذين يوصفون بالدخلاء. هذا النقد يُعدّ مشروعًا تمامًا. فمن البديهي أن يكون أعضاء اللجنة التنفيذية، التي تُدير شؤون كرة القدم في البلاد، من ذوي الخبرة والمعرفة باللعبة. إن وجود أشخاص في مراكز قيادية دون سجل واضح من العمل الكروي أو إسهامات ملموسة، يُثير الشكوك حول قدرتهم على خدمة اللعبة بشكل فعال.
إن السؤال عن "الإنجازات" بعد سنوات في إدارة اللعبة هو سؤال يُلزم كل من يُشارك في العملية الانتخابية بتقديم كشف حساب لأدائه. فالمناصب الإدارية في الاتحاد ليست مجرد مقاعد رمزية، بل هي مسؤوليات تتطلب رؤية وعملًا دؤوبًا.
3. استقلالية القرار والضمانات:
ان تعزيز استقلالية القرار داخل الاتحاد، يُمكن أن يُقلّل من تدخل أي جهة في عملية الترشح والانتخابات.
لكن، التحدي يبقى في مدى قدرة الأندية على الحفاظ على استقلاليتها، لا سيما في ظل الضغوط التي قد تُمارس عليها. الدعوة إلى رؤساء الأندية للحفاظ على "قرارهم" و"تمثيلهم" و"دور أنديتهم العريقة" تُشير إلى وجود تحدٍ حقيقي يواجه هذه الأندية في ممارسة حقها الديمقراطي.
4. الحفاظ على التنوع والنسيج الكروي:
الخطاب يؤكد على أن الأندية "أهل البيت" وأنها يجب أن تحمي بعضها البعض للحفاظ على التنوع. هذا المبدأ أساسي. فكرة القدم في لبنان، شأنها شأن جوانب أخرى من الحياة، تتسم بالتنوع. إن الحفاظ على هذا التنوع من خلال التمثيل الحقيقي للأندية، بغض النظر عن الانتماء الطائفي، هو ما يُعزز وحدة اللعبة ويضمن تطورها على المدى الطويل.
ما قرأناه وسمعناه يسلط الضوء على تحديات حقيقية تواجه العملية الانتخابية في الاتحاد اللبناني لكرة القدم، لا سيما فيما يتعلق بتمثيل الأندية المسيحية. التساؤلات حول الخلفية الكروية، الإنجازات، وشرعية التمثيل هي تساؤلات مشروعة تدعو إلى تفعيل دور الأندية في اتخاذ القرار، وإلى ضمان أن تكون اللجنة التنفيذية مُشكّلة من كفاءات تُمثّل بشكل حقيقي القاعدة الكروية في لبنان. ففي النهاية، قرار الأندية هو الذي يُحدد مستقبل كرة القدم اللبنانية.
شربل الحاج موسى